للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا الناقد المسلم لاَ يَتَرَدَّدُ لحظة ولا يتوقف عن الحكم ببطلان الوثيقة المُزَوَّرَةِ التي أسندها إلى النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هؤلاء الأفاكون.

وها نحن نجعل هذه التجربة التي خاضها أجداد «تْسِهِيرْ» مِنْ قَبْلُ هَدِيَّةً إِلَيْهِ تَعْبِيرًاعن الموقف البارد الذي يزعمه في حق النقاد المسلمين.

٢ - إن الحديث الذي أوردوه وقالوا حَرْفِيًّا: «إنه مأخذ من حقل تطبيق هذا العلم نفسه، وهو حديث: أَبُو حَنِيفَةَ سِرَاجُ هَذِهِ الأُمَّةِ» (١). هذا الحديث هو نفسه برهان يثبت دِقَّةَ نَظَرِ المُحَدِّثِينَ، فإنهم قد وسموا بالكذب راويه مأمون بن أحمد السُّلَمِي الهَرَوِِي منذ الأيام التي ظهر فيها وطلع على الناس بهذا الحديث ونحوه وسجلوا اسمه في القائمة السوداء، قائمة الكَذَّابِينَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التي لا تقبل لها توبة فِي الرِّوَايَةِ أَبَدًا. وكان منهم آنذاك عَصْرِيُّهُ الإمام أبوحاتم محمد بن حِبَّانَ البُسْتِيَّ - رَحِمَهُ اللهُ -.

٣ - زعمهم أن العلماء لم يجهدوا مُطْلَقًا في أن يجعلوا الناس يصدقون بأن النَّبِيَّ قد ذكر اسم العالم العراقي.

هذا زعم مناقض للحقيقة وللواقع تَمَامًا فإن هذا الحديث اسْتُنْكِرَ هُوَ وَمَا شَاكَلَهُ غَايَةَ [الاستنكار] من العلماء والعامة حتى سقط راويه ولم يعد يسمع منه أحد.

ثم إن الراوي ليس من تلامذة أبي حنيفة ولا له صلة به، بل هو بعيد عن عصر أبي حنيفة وعن وفاته بمائتي عام.

وقد قال الحاكم في " المدخل " - بعد أن أورد هذا الحديث -: «وَمِثْلُ هَذِهِ الأَحَادِيثِ يَشْهَدُ مَنْ رَزَقَهُ اللهُ أَدْنَى مَعْرِفَةٍ بِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -».


(١) [الحَدِيثُ الذِي وَضَعَهُ المُتَعَصِّبُونَ لأَبِي حَنِيفَةَ: «سَيَكُونُ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَالُ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ النُّعْمَانُ هُوَ سِرَاجُ أُمَّتِي»].

<<  <   >  >>