(٢) في "م١" و"م٢" عقورٌ. (٣) في م١ " إذا خلا عنه " والصواب ما أثبته. (٤) في المطبوعة " فيعقورني " , ولعله سهو. (٥) أخرجه ابن أبي الدنيا في " الصمت (٣٦٦ , رقم: ٧٠٣). (٦) في م ١ " وهب بن أبي منبه " والصواب ما أثبته. (٧) سقطت من "ب" (٨) في المطبوعة " بهما عبادتهما " , وما أثبتناه عن "م١"و "م٢". (٩) في "ب" و"ل" و"ط" الحر. (١٠) في م ١ " من " والصواب ما أثبته. (١١) في م ١ " فأنا " , والصواب ما أثبته. (١٢) أخرجه ابن أبي الدنيا في " الصمت " (٣٨٣ - ٣٨٤ , رقم ٧٥٤). والله سبحانه وتعالى يبر قسم الضعفاء المتضعّفين , عن حارثة بن وهب قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم يقول: " ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره , ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جواظ مستكبر " أخرجه البخاري في صحيحه (٤٩١٨) , ومسلم في صحيحه (٢٨٥٣). والضعيف هو من نفسه ضعيفة لتواضعه وضعف حاله في الدنيا , والمستضعف المحتقر لخموله في الدنيا. قاله ابن حجر في " فتح الباري ". قال ابن عثيمين - رحمه الله - في شرحه لرياض الصالحين: " إن الإنسان يكون ضعيفًا متضعفًا , أي لا يهتم بمنصبه أو جاهه , أو يسعى إلى علو المنازل في الدنيا , ولكنه ضعيف في نفسه متضعف , يميل إلى الخمول وإلى عدم الظهور - ليس قصد الشيخ رحمه الله الخمول الذي بمعنى الكسل وإنما الخمول عن الظهور بين براثن الشهرة وأضواء الانتشار بين الناس - لأنه يرى أن المهم أن يكون له جاه عند الله عز وجل , لا أن يكون شريفًا في قومه أو ذا عظمة فيهم , ولكن همه كله هو أن يكون عند الله سبحانه وتعالى ذا منزلة كبيرة عالية؛ ولذلك نجد أهل الآخرة لا يهتمون بما يفوتهم من الدنيا , إن جاءهم من الدنيا شيء قبلوه , وإن فاتهم شيء لم يهتموا به , لأنهم = =يرون أن ما شاء الله كان , وما لم يشأ لم يكن , وأن الأمور بيد الله , وأن دوام الحال من المحال , وأنه لا يمكن رفع ما وقع ولا دفع ما قدر إلا بأسباب الشرعية التي جعلها الله تعالى سببًا. وقوله: " لو أقسم على الله لأبره " يعني لو حلف على شيء ليسر الله له أمره , حتى يحقق له ما حلف عليه , وهذا كثيرًا ما يقع؛ أن يحلف الإنسان على شيء ثقةً بالله عز وجل , ورجاء ثوابه فيبر الله قسمه , وأما الحالف على الله تعاليًا وتحجرًا لرحمته , فإن هذا يخذل والعياذ بالله " ا. هـ (" شرح رياض الصالحين " ٢/ ١٣٦). قلت: ومن الأسباب الشرعية التي تدفع البلاء " الدعاء " فعلى الإنسان أن يدعو ربه كثيرًا فإن لم يجب الله له مسألته التي سأله إياها قد يدفع الله عنه ضررًا قد كتبه عليه. وضرب ابن عثيمين - رحمه الله - مثالاً لكل حالة من حالتي القسم على الله , الحالة الأولى: من يقسم على الله أملًا في رجائه وعفوه وقدرته متيقنًا من داخله أن الله قادر على كل شيء وأن إرادته بين الكاف والنون , إن أراد شيئًا فإنما يقول له كن فيكون. وضرب مثلًا للحالة الثانية: والتي فيها يقسم الناس على ربهم تعاليًا منهم , واستبعادًا لرحمة الله جل وعلا , معجبين بأنفسهم. يقول العلامة ابن عثيمين: " وهاهنا مثلان: المثل الأول: أن الربيع بنت النضر وهي من الأنصار , كسرت ثنية جارية من الأنصار , فرفعوا الأمر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , فأمر النبي أن تكسر ثنية الربيع؛ لقوله تعالى (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس) ... إلى قوله (والسن بالسن) فقال أخوها أنس بن النضر: والله يا رسول الله لا تكسر ثنية الربيع , فقال - صلى الله عليه وسلم -: " يا أنس كتاب الله القصاص " فقال: والله لا تكسر ثنية الربيع. أقسم بهذا ليس ردًّا لحكم الله ورسوله , ولكنه يحاول بقدر ما يستطيع أن يتكلم مع أهلها حتى يعفوا ويأخذوا الدية أو يعفوا مجانًا دون دية , كأنه واثق من موافقتهم , لا ردًا لحكم الله ورسوله , فيسر الله سبحانه وتعالى فعفى أهل الجارية عن القصاص , فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره ". وهنا لا شك أن الحامل لأنس بن النضر هو قوة رجائه بالله عز وجل , وأن الله سييسر من الأسباب ما يمنع كسر ثنية أخته الربيع. بنفسه أما المثل الثاني: الذي أقسم على الله تألِّيًا وتعارضًا وترفعًا , فإن الله يخيب آماله , ومثاله: ذلك الرجل الذي كان مطيعًا لله عز وجل عابدًا , يمر على رجل عاص , كلما مر عليه وجده على المعصية , فقال: والله لا يغفر الله لفلان , حمله على ذلك الإعجاب بنفسه , والتحجر بفضل الله ورحمته , واستبعاد رحمة الله عز وجل من عباده. فقال الله تعالى: " من ذا الذي يتألّى علي ألّا أغفر لفلان , قد غفرت له , وأحبطت عملك " , فانظر الفرق بين هذا وهذا ". أ. هـ (شرح رياض الصالحين ٢/ ١٣٧). فاللهم اجعلنا من الضعفاء الذين يرجون لقاءك ويحبون رؤية وجهك الكريم , ويرضون من الدنيا بالقليل , ويعملون بما أوتوا من قوة لكسب رضاك , واجعلنا ممن يعملون بسنة نبيك ومن القائمين عليها. وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لم أقسم على الله لأبره ". رواه مسلم (٢٦٢٢). والأشعث هو ذلك الرجل شديد الفقر الذي لا يجد ما يدهن به شعره من زيوت وغيره , ولا يجد حتى ما يرجل به شعره , وهو عديم القيمة بالنسبة إلى الناس حتى إنه " مدفوع بالأبواب " أي: إن ذهب إلى باب أحدهم فإنه يدفع الباب في وجهه لقلة قيمته عند أولئك الناس , ولكن قد تكون له قيمة كبيرة عند الله بماذا؟ بأعماله الصالحة وتقواه, وخوفه من الله في كل الأوقات وفي جميع الأماكن , وليس من الضروري أن كل أشعث أغبر يقسم على الله فيبر الله قسمه , إذ المقياس هنا هو قدر قربه من الله وقدر ثقته بربه , ومعاملته مع ربه كيف هي , فإن حسنت أبر الله قسمه وإلا ما أبر قسمه.