للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذَاكَ لِأنَّا وَإِنْ كُنَّا لَا نَصِلُ إِلَى اكْتِسَابِ فَضِيْلَةٍ إِلَّا بِالْفِعْلِ، وَكَانَ لَا يَكُوْنُ فِعْلٌ إِلَّا بِالْقُدْرَةِ، فَإِنَّا لَمْ نَرَ فِعْلاً زَانَ فَاعِلَهُ وَأَوْجَبَ الْفَضْلَ لَهُ، حَتَّى يَكُوْنَ عَنْ الْعِلْمِ صَدَرُهُ، وَحَتَّى يَتَبَيَّنَ مِيْسَمُهُ عَلَيهِ وَأَثَرُهُ؛ وَلَمْ نَرَ قُدْرَةً قَطُّ كَسَبَتْ صَاحَبَهَا مَجْدَاً وَأَفَادَتْهُ حَمْدَاً، دُوْنَ أَنْ يَكُوْنَ الْعِلْمُ رَائِدَهَا فِيْمَا تَطْلُبُ، وَقَائِدَهَا حَيْثُ يَؤمُّ وَيَذْهَبُ، وَيَكُوْنَ الْمُصَرِّفَ لِعِنَانِهَا، وَالْمُقَلِّبَ لَهَا فِيْ مَيْدَانِهَا.

فَهِيَ إِذاً مُفْتَقِرَةٌ فِيْ أَنْ تَكُوْنَ فَضِيْلَةً إِلَيْهِ، وَعِيَالٌ فِيْ اسْتِحْقَاقِ هَذَا الْاسْمِ عَلَيْهِ، وَإِذَا هِيَ خَلَتْ مِنَ الْعِلْمِ أَوْ أَبَتْ أَنْ تَمْتَثِلَ أَمْرَهُ، وَتَقْتَفِي أَثَرَهُ وَرَسْمَهُ؛ آلَتْ وَلَا شَيءَ أَحْشَدُ لِلْذَّمِّ عَلَى صَاحِبِهَا مِنْهَا، وَلَا شَيْنَ أَشَيْنُ مِنْ أَعْمَالِهِ لَهَا.

فَهَذَا فِيْ فَضْلِ الْعِلْمِ لَا تَجْدُ عَاقِلَاً يُخَالِفُكَ فَيْهِ، وَلَا تَرَى أَحدَاً يَدْفَعُهُ أَوْ يَنْفِيْهِ). (١)


(١) «دلائل الإعجاز» (ص ٤ ــ ٥).

<<  <   >  >>