للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

زيد أضرب من عمرو. والسيف أقتل من الرمح. ولا يبنى من فعل المفعول به ألا ترى أنك لا تقول: زيد أضرب من عمرو وتريد أن الضرب أوقع به من عمرو. وهذا ما لا خلاف فيه بين أهل العربية، وإلا في الشاذ الذي لا يقاس عليه.

والمعنى إنه يقول لعاذلته: كفى لومك، أراني ألوم منك. أي أرى نفسي أقدر على اللوم منك. فلومك نصب بوقوع كفى عليه. ثم تم الكلام فابتدأ يشكو حاله يقول: حالي هم أقام على فؤاد أنجم. فهو رفع لأنه خبر مبتدأ محذوف أو رفع بالابتداء وخبره محذوف. كأنه يريد: هم أقام على فؤاد أنجم شكواي. ومثله في القصيدة:

غصنٌ على نَقَويْ فلاة نابتٌ ... شمسُ النهار تُقلِ ليلاً مظلما

يريد غصن هذه حاله. حبيبي أو حبيبتي غصن هذه حاله. وكذلك ارتفاع شمس على هذين التأويلين. فأما قوله: أراني فليس من الرؤية بالعين، وإنما هو من باب العلم. وإن كان قوله إذا كنت في هبوة لا أراني ممتنعاً. لأن العرب لا تقول في الأفعال المؤثرة: ضربتني وأكرمتني. واكتفت بضربت نفسي، وأكرمت نفسي. ووجب أن يقول أرى نفسي لأنه من الرؤية بالعين. فهذا البيت غير ممتنع لأنه من رؤية العلم. وهم يقولون في أفعال الشك واليقين نحو: ظننتني، وخلتني. وقد (يقرأ) قول المجنون:

ندمتُ على ما كان مني فعدتني ... كما فعل المغبون حين يبيع

<<  <   >  >>