فقد يظن ظان إنه يعني أني كتمت ثم أعلنت، وليس كذلك. يدلك عليه
كأنه زاد حتى فاض عن جسدي
يريد الكتمان. فكيف يكون معناه أني ظهرت. فإن قال: إنما ضمير زاد للحب قلنا له: فما تصنع بقوله: فصار سقمي في كتماني يريد فصار سقمي منكتما كأنه في وعاء من كتمان. وكأنه يقول كان كتماني في جسمي في كتماني فافهمه.
وقوله:
الحب ما منع الكلام الألسنا ... وألذَّ شكوى عاشقٍ ما أعلنا
قد سمعت قوما ينشدون الألسنا بفتح السين، وليس ذلك بممتنع. و (ما) بمعنى الذي يقول: الحب الصادق ما يمنع الكلام الألسن تحيرا، وتبلدا. كما تقول: البغض ما يمنعك النظر إلى صاحبك. يعني البغض الصادق، أو البغض الشديد. وإن قال قائل:(ما) بمعنى النفي. ويكون معناه: الحب ما يمنعك الشكوى. ولم يكن (ذلك) ممتنعا. والمعنى إن شكوى الحب مما يستلذ. فإذا بلغ من شدة الحب ألا ينطق فذلك
لمن النهاية. وهذا معنى قول القائل:
وما هو إلا أن أراها فجاءة ... فأبهت حتى ما أكاد ابن كذا