قال أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن الترمذي رحمه الله عليه.
الحمد لله رب العالمين، ولي الحمد وأهله. أما بعد، فإن الله تعالى خلق الآدميين لخدمته، وخلق ما سواهم سخرة لهم؛ فقال
تعالى في تنزيله:(هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً)، ثم قال:(وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه)، فجعل في كل مسخر ما يحتاج إليه هؤلاء الخدم، وما يرجع نفعه إليهم، وهم كلهم قانتون، يؤدون السخرة إلى هؤلاء الخدم؛ فأظهر خلقهم من القدرة بقوله (كن)، وأظهر خلق هؤلاء الخدم من المحبة بيده؛ فعجن طينته، وصوره بيده؛ ثم جعله ذا أجزاء، كل جزء منه يعمل عملاً غير عمل الآخر، ثم نفخ فيه من روحه. وهو روح الحياة، ونفست الطينة، فبدت النفس واستقرت. وتنفست في الجوف: فجعل في ظاهره