ومن ههنا ضاق الأمر بنمرود، حتى احتال للقعود في التابوت، ليطير به إلى الخالق الأعلى، زعم أني أحارب إله السماء، لم يحتمل للضيق الذي حلّ به من قوة شهوته، وإرادة إنفاذ مناه، أن يسمع بذكر أحد غيره يقدر على شيء، فأراد أن يطمس هذا الذكر، فأرى
أهل مملكته أني حاربته فقتلته، بما رجع إليه من السهم المدمى. هذا ثمرة الهوى الذي يهوى بك إلى قضاء الشهوات، ودرك ما هو من جنسه، فأحذروه، فإن الصغيرة الضعيفة منه تقوى حتى تصير كبيرة قوية، ترمي بك في أودية المهالك، والمؤمن أنقذه الله تعالى بالمعرفة من أن يدعى الربوبية، أو يقصد لمحاربته، لأن نفسه قد أيقنت، فأيست عن هذا المعنى، ولكن تطلب ما دون ذلك في أموره، فليس هذا له بحقيق ولا خليق.
فقد حصل من جميع ما وصفنا إلى هذه الغاية، أن ظلمة هذه النفس الشهوانية قد استولت على القلب، حتى عجز