حتى صار بحال - حكى عن نفسه أنه قال: وجدت الدنيا أربعة أشياء، فما زال يروض نفسه حتى أطاعه الهوى، حتى قيل له حيث يريد الشام: كيف تبكى على أهل مصر؟ قال: لأن بها أخواني، وبها كثرة تجاوب المؤذنين، وبها ظمأ الهواجر. قيل له: فقد أذن لك، أفلا ترجع؟ قال: أكره أن أرتحل رحلة هوي.
وكما روى عن وهب بن منبه رحمه الله تعالى، أن رجلاً قال لمعلمه: قد قطعت الهوى. قال: أتفرق بين النساء والدواء؟ قال: نعم. قال: فأنت أوثقت الهوى ولم تقطعه.
وكما روى عن عيسى ابن مريم عليهما السلام: هل يستوي عندكم هذان: كف من تراب، وكف من ذهب، قالوا: لا. قال: فهما عندي سواء. فهذا قطع الهوى.
قال له قائل: أشرح لنا هذا. وكيف يستوي هذان في القلب؟
قال: إن الناس إنما فرقوا بينهما، وفضلوا الذهب على التراب بالهوى، لما رأوا منفعة الذهب، فضلوه من أجل المنفعة؟