ثم قال: فعد الدهر فعلك في جبر الفقير، واستنقاذ الأسير، نصرة عليه، وتسرعاً بالخلاف إليه، فاضطغن ذلك من فعلك، واستكرهه من أمرك، فلما صال على هذه المتوفاة، مخاتلا غير مجاهر، ومخادعاً غير مكاثر، رأى نفسه مدركاً منك لثأر طلبه، ومجازياً بضغن اعتقده.
كَذَبَتْهُ ظُنُونُهُ أَنْتَ تُبْلِي ... هـ وَتَبْقَى في نِعْمَةٍ لَيْسَ تَبْلَى
ثم يقول: كذبت الدهر ظنونه، فيما رامك به من الثكل، وعرك له من الحزن، أنت تبليه بطول سلامتك، وتغلبه باتصال سعادتك، ويبقيك الله في نعمة لا تبلي سابغة، ورفعة لا تنتقص نامية.
ولقد رَامَكَ العُدَاةُ كما رَا ... مَ فَلَمْ يَجْرَحوا لِشَخْصِكَ ظِلاً
ثم قال، يخاطبه: ولقد رامك أعداؤك بمثل ما رامك به الدهر؛ من التعرض لمساءتك، والإقدام على معارضتك، فعجزوا عن التأثير في ظلك، فضلاً على أن ينالوك بذلك في خاصة نفسك.