رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على حكم شرعي واحد، لاختلاف مناحي التفكير، واختلاف البلدان والأحوال الاجتماعية من جهة، ولاختلاف العلماء في أصول الاجتهاد، وهذا يحتاج إلى تفصيل وبيان ليس هنا موضعه، ولكنني أبادر فأقرِّرُ أنَّ من رحمة الله بهذه الأُمَّةِ أنْ لا تلتزم مَذْهَباً مُعَيَّناً في الاجتهاد، ولا مدرسة مُعَيَّنَةً، ولا طريقة واحدة في التفكير، ولا تجمد على رأي واحد، لا تغيره ولا تُبَدِّلُهُ، بل دعا الإسلامُ إلى التفكير والتدبر، وترك لكل مجتهد أن يُعْمِلَ رأيه، ويبذل وسعه، لاستنباط الحكم الشرعي ضمن الإطار الإسلامي، والقيود والشروط التي تمنع الفوضى والاضطراب، ولا تجعله يخالف النص من الكتاب وَالسُنَّةِ، وإنما يجتهد في استنباط الحكم الشرعي من النص.
والدعوة إلى التَحَلُّلِ من مدارس الاجتهاد الإسلامية كلية، وَأَنْ لا تلتزم كل طائفة من الناس - غير قادرة على الاجتهاد - مذهباً أو مدرسة مُعَيَّنَةً، دعوة باطلة في زمننا هذا، لأنَّ شرط هذا أن يكون كل الناس علماء مجتهدين كعهد الصحابة، وأنْ يكون كُلٌّ منهم قادراً على أن يستنبط لنفسه ولغيره حكم الله من كتابه وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ، وهذا مُتَعذِّرٌ بل يكاد يكون في حكم