في الشرق - إلى دراسة جميع ديانات الشرق وعاداته وحضارته وجغرافيته وتقاليده وأشهر لغاته، وإنْ كانت العناية بالإسلام والآداب العربية والحضارة الإسلامية هي أهم ما يعنى به المُسْتَشْرِقُونَ حتى اليوم؛ نظراً للدوافع الدِّينِيَّةِ والسياسية التي شجعت على الدراسات الشرقية كما سنذكره فيما بعد.
[دوافع الاستشراق:]
[١ - الدافع الديني:]
لا نحتاج إلى استنتاج وجهد في البحث لنتعرف إلى الدافع الأول للاستشراق عند الغربيِّين وهو الدافع الديني. فقد بدأ بالرهبان - كما رأينا - واستمر كذلك حتى عصرنا الحاضر - كما سنرى - وهؤلاء كان يهُمُّهُمْ أنْ يطعنوا في الإسلام ويُشَوِّهُوا محاسنة ويُحَرِّفُوا حقائقه ليثبتوا لجماهيرهم التي تخضع لزعامتهم الدِّينِيَّةِ أنَّ الإسلام - وقد كان يومئذٍ الخصم الوحيد للمسيحية في نظر الغربيِّين - دين لا يستحق الانتشار، وأنَّ المسلمين قوم هُمَّجٌ لصوص وسفَّاكُو دماء، يحثهم دينهم على الملذات الجسدية، ويبعدهم عن كل سمو روحي وخلقي. ثم اشتدَّتْ حاجتهم إلى هذا الهجوم في