الرسول نبيًّا موحى إليه من عند الله - جَلَّ شَأْنُهُ - ويتخبَّطون في تفسير مظاهر الوحي التي كان يراها أصحاب النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحياناً، وبخاصة عائشة أم المؤمنين - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -، فمن المُسْتَشْرِقِينَ من يرجع ذلك إلى «صَرْعٍ» كان ينتاب النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حيناً بعد حين، ومنهم من يرجعه إلى تخيُّلات كانت تملأ ذهن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ومنهم من يُفَسِّرُها بمرض نفسي، وهكذا، كأنَّ الله لم يرسل نبيًّا قبله حتى يصعب عليهم تفسير ظاهرة الوحي، ولما كانوا كلهم ما بين يهود ومسيحيِّين يعترفون بأنبياء التوراة، وهم كانوا أقل شأناً من محمد - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في التاريخ والتأثير والمبادئ التي نادى بها، كان إنكارهم لنبوَّة النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَعَنُّتاً مبعثه التعصُّبُ الديني الذي يملأ نفوس أكثرهم كرُهبان وقسس ومُبَشِّرِين.
ويتبع ذلك إنكارهم أنْ يكون القرآن كتاباً مُنَزَّلاً عليه من عند الله - عَزَّ وَجَلَّ -، وحين يفحمهم ما ورد فيه من حقائق تاريخية عن الأمم الماضية مِمَّا يستحيل صدوره عن أُمِيٍّ مثل محمد - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يزعمون ما زعمه المُشركون الجاهليون في عهد الرسول من