في تاريخ «السُنَّة»، فاستغرب ذلك، ثم راجع كتاب جولدتسيهر - وكنا نجلس في مكتبته الخاصة - فقال:«معك الحق، إِنَّ جولدتسيهر أخطأ هنا»، قلت له:«هل هو مجرد خطأ؟» فاحتد وقال: «لماذا تسيئون به الظن؟» فانتقلت إلى بحث تحليله لموقف الزُّهْرِيِّ من عبد الملك بن مروان، وذكرت له من الحقائق التاريخية ما ينفي ما يزعمه جولدتسيهر. وبعد مناقشة في هذا الموضوع قال:«وهذا خطأ أيضاً في جولدتسيهر، ألا يخطئ العلماء؟» قلت له: «إنَّ جولدتسيهر هو مؤسس المدرسة الاستشراقية التي تَبْنِي حُكْمَهَا في التشريع الإسلامي على وقائع التاريخ نفسه، فلماذا لم يستعمل مبدأهُ هنا حين تكلم عن الزهري؟ وكيف جاز له أنْ يحكم على الزُّهْرِيِّ بأنه وضع حديث فضل المسجد الأقصى إرضاء لعبد الملك ضد ابن الزبير؟ مع أَنَّ الزُّهْرِيَّ لم يلق عبد الملك إِلاَّ بعد سنوات من مقتل ابن الزبير؟» وهنا اصفر وجه " شاخت " وأخذ يفرك يداً بيد، وَبَدَا عليه الغيظ والاضطراب، فأنهيت الحديث معه بِأَنْ قلت له: «لقد كان مثل هذه " الأخطاء " كما تُسَمِّيهَا أنت، تشتهر في القرن الماضي، ويتناقلها مستشرق منكم