فأطلق الحديث ولم يقيده؛ لكنه قد علم إخراج الاتباع على معنى التلاوة والإيمان، وبقي الاتباع على ابتغاء التأويل زيغ، كما أن ابتغاء الفتنة زيغ، ولم يقيده - صلى الله عليه وسلم - بعدم الرسوخ، فعلم أن كلا من ابتغى تأويله فهو زائغ وليس براسخ، وأكد هذا بما يفهم من الحديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان واثقا بأصحابه الذين خاطبهم أنهم لا يتبعون المتشابه، وإنما حذرهم ممن نشأ بعده، وهم - رضي الله عنهم - أولى بالرسوخ من غيرهم؛ فعلم أن الراسخ لا يتبع المتشابه أصلا إلا على معنى تلاوته والإيمان به.
فإن قلت: المتشابه في اختيارك هو ما اشتبه معناه بأن يتساوى المعنيان أو الثلاثة في الاحتمال، وهذا هو المجمل؛ فهل يدخل فيه ما اشتبه معناه أو معانيه، ولكنه يمكن ترجيح أحدها بدليل آخر؟
قلت: كلا، ليس هذا بمتشابه، بل هذا مما يعلم تأويله الراسخ وغيره، ومما أمرنا بالتدبر فيه والنظر في تأويله.
فإن قلت: فالمتشابه عندك ما اشتبه معناه، بحيث لا يوجد دليل يبينه؟