للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وإنه ليشم روائح الرسوخ من قوله: {آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب * ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب * ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد}.

فالراسخ دائم الخوف والخشية من ربه عز وجل، مسيء للظن بنفسه. فكم من راسخ لا يرى أنه راسخ، وكم من زائغ يرى أنه من أرسخ الراسخين؟

فالخائف الخاشع المسيء الظن بنفسه جدير بأن لا يستخفه ما عنده من العلم على الخوض فيما ليس له به علم، وعلى البحث فيما لم يكلف البحث فيه، وهو من موارد الخطر ومزالق النظر.

هذا لو كان يمكن العلم به؛ فكيف إذا كان مما لا سبيل إلى العلم به؟ وإنما الزائغ الجريء على ربه، المتكل على عقله، الفرح بما عنده من العلم هو الجدير بأن يتعاطى الخوض في كل شيء، وتحمله ثقته بنفسه وأمنه مكر ربه ودعواه أنه لا يتعانى عن فهم شيء وحرصه على أن يطير ذكره في الناس وكبره عن أن يعترف بالجهل.

<<  <   >  >>