يضعها على إبريق الماء، ويُبعده عنه، ويُنحّيه عن موضع قضاء حاجته، أو على مقبض الباب إن أمِنَ سقوطها، وقد دلّت الأصول الشرعية على أنه ينبغي للمسلم أن يعظِّم شعائرَ الله، (وهي كل ما أشعر الله بتعظيمه) كما في قوله سبحانه وتعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} ولا شك في أن القرآن، وكتب التفسير، والحديث، ونحوها كلّها من شعائر الله لما فيها من آيات القرآن، وأحاديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهما الوحي، والأصل فيه أن يكرَّم كما قال سبحانه وتعالى منبهاً عباده على هذا الأصل الشرعي:{كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ} فقوله: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ} خبر بمعنى الإنشاء ففيه تنبيه على ما ينبغي على المسلم من إكرام الوحي.
قوله رحمه الله:[ورَفْعُ ثَوبِه قَبلَ دُنوهِ مِنَ الأَرْضِ]: مراده أنه ينبغي على المكلف إذا أراد أن يقضي حاجته أن يرفع ثوبه إذا دنى من الأرض، وهذا مبني على الأصل الشرعي الموجب لمنع كشف العورة ووجوب حفظها كما في الحديث الصحيح من قوله عليه الصلاة والسلام:[إِحْفَظْ عَورَتَكَ] وقد جاز له كشفها لقضاء الحاجة، فلا يكشفها إلا مقارباً لذلك، وذلك عند دنوه من الأرض، ولأن ذلك أبلغ في الاستتار، فإذا رفع ثوبه قبل الدّنو من الأرض كان ذلك مكروهاً له، لا محرماً.
قوله رحمه الله:[وكلامُه فِيهِ]: أي ولا يتكلم فيه، والضمير في قوله:[فيه] عائد إلى الموضع الذي يقضي فيه حاجته، والنهي عن ذلك ورد فيه حديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: [لا يذهبُ الرّجلانِ يَضْربانِ