للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[باب الغسل]

قوله رحمه الله: [الغسل] الغسل في اللغة: هو صبّ الماء على الشيء، وأما في اصطلاح الشرع: (فتعميم البدن بالماء بنية مخصوصة)، وبهذان الوصفان يتحقق الغسل المأمور به شرعاً، وقولهم: " بنيةٍ مخصوصةٍ " المراد بها نية التقرب إلى الله مع قصد رفع الحدث، وهذا هو مذهب الجمهور: أن الغسل تُشترط فيه نيّةُ رفع الحدث، وخالفهم الحنفية كما تقدم في الوضوء وزاد المالكية وصفاً ثالثاً: وهو الدَّلك، ومرادهم إمرار اليد على الجسد أثناء الغُسل، وظاهر الكتاب، والسنة يدلان على عدم إشتراطه، فقوله سبحانه وتعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} يقتضي الحكم بالطهارة بإصابة الماء لظاهر الجسد، دون إشتراط أمر زائدٍ، وهو الدّلك وأكّدت ذلك السنة كما في حديث أم سلمة رضي الله عنها في الصحيح أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لها: [إنما يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثي عَلى رَأسِك ثَلاثَ حَثَياتٍ، ثُمَّ تُفيضينَ الماءَ عَلى جَسَدِكِ، فإذا أَنتِ قَدْ طَهُرتِ]، فبيّن عليه الصلاة والسلام بقوله: [تُفِيضِينَ الماءَ عَلى جَسَدِك] أن العبرة بوصول الماء إلى ظاهر الجسد، ولم يشترط أمراً زائداً عليه، وهو الدَّلك، وهذا هو الراجح.

ومحل الخلاف بين القولين: إذا أمكن وصول الماء إلى ظاهر الجسد من دون دلك، أما لو كان وصول الماء إلى ظاهر الجسد لا يتحقق إلا بالدّلكِ كما في حالة قِلّة الماء فإنه يجب الدّلكُ عند الجميع، لأن الجمهور يرونه في هذه الحالة مستثنى لتوقف الواجب عليه، وما لا يَتمُّ الواجبُ إِلا به فهو واجب.

<<  <   >  >>