قوله رحمه الله:[باب الغُسل]: الغسل عبادة شرعية شرعها الله -جل وعلا- وأوجبها على الجنب، والحائض، والنفساء، ونحوهم ممن هو مأمور بالغسل، والعلماء -رحمهم الله- من عادتهم أنهم يذكرون باب الغسل في كتاب الطهارة؛ والسبب في ذلك: أن الغسل طهارة كُبرى فبعد أن بيّن -رحمه الله- الوضوء، وهو الطهارة الصُغرى شرع في بيان أحكام الطهارة الكبرى، وهي الغسل.
قد يسأل سائل فيقول: إذا كان الغسل طهارة كبرى، والوضوء طهارة صغرى، فقد كان الأنسب أن يبدأ بالكبرى قبل الصغرى؛ لأن الصغرى قد تندرج تحت الكبرى؟
ويجاب عن ذلك من وجهين:
الوجه الأول: أن الفقهاء، والمحدثين -رحمة الله عليهم- يقدّمون الوضوء على الغسل مراعاة لترتيب القرآن فإن الله -عز وجل- في آية المائدة بيّن حكم الوضوء، ثم أتبعه بالغسل.
الوجه الثاني: أنّ الوضوء أكثرُ من الغسل بمعنى: أنك تتوضأ في اليوم أكثر من مرّة، والغسل لا يقع إلا في أحوال قليلة بالنسبة للوضوء.
وقد يجلس الأعزب سنة كاملة لا يجنب، ولا يغتسل غسلاً واجباً إلا مرة واحدة فلما كان الوضوء أكثر وقوعاً، أو كما يقول العلماء أعمّ بلوى إِبتدأ العلماء -رحمهم الله- بالوضوء، ثم ثنّوا بالغسل بعده.
وبعبارة مختصرة تقول: قُدم الوضوء لعموم البلوى به، وأُخّر الغسل لقلّة وقوعه بالنسبة للوضوء.