للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أما طهارة الشيء الذي يستجمر به فكأن يأخذ حجراً طاهراً، ويُنْقِي به الموضعَ، أو يأخذ ورقاً، أو قماشاً ما لم يكن فيه كتابة، أو شيءٌ محترم فيأخذ هذا الطاهر، ويُنْقِي به الموضع لأن الشّرع شرع الطهارة بالماء، والحجارة لإنقاء الموضع فإذا كان الشيء الذي يتطهر به نجساً لم يحقق مقصود الشرع لأنه يزيد الموضع نجاسة، ولا ينقيه.

والدليل على اشتراط هذا الوصف: أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما جِيءَ له بالحجرين، والرَّوثة ليستنجي بها رمى الروثةَ، وقال: [إنها رِكْسٌ] وهي لغة اليمن أنهم يبدلون الجيم كافاً، والأصل [رِجْس] والرِّجْسُ: النَّجِسْ، فامتنع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الإنقاء بالروثة بناء على أنها ركس، فدلّ على أنّ الشيء الذي يتطهر به لا بد من أن يكون طاهراً.

وأما شرط الإنقاء: فالمراد به أن يحصل النّقاء للموضع عند مسحه بذلك المستجمر به من الحجارة، والمناديل، ونحوها، فأما إذا كان لا يُنْقِي مثل: الزجاج، والحجر الأملس، والرُّخام الأملس، والفحم، ونحوها فلا يجزئ، لأنه لا يحقق مقصود الشرع من تنظيف المكان، وتنقيته، فلا تحصل به الطهارة، ودليل ذلك ما ثبت في الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام: [أنه نهى عَنِ الإسْتِنْجَاءِ بالرَّجِيع، والعَظْمِ] والنهي عن الإستنجاء بالعظم مبني على كونه زاداً لإخواننا من الجن، ولأنه أملس لا يحصل به النقاء.

فتلخص مما سبق أنه لا بد من تحقق هذين الوصفين:

الأول: أن يكون الشيء الذي يستجمر به طاهراً.

والثاني: أن يحصل به النقاء للموضع من النجاسة.

<<  <   >  >>