الله عنه لما سأله: أينام أحدنا، وهو جنب؟ فقال عليه الصلاة والسلام:[تَوضّأ، واغسلْ ذكرك، ثم نَمْ] قالوا: فجعل له الوضوء قبل الإستنجاء، فدل على جواز الأمرين، وما ذكره المصنف رحمه الله يترجح بما يلي:
أولاً: أنه الأصل الذي دلّ عليه دليل الكتاب في آية الوضوء من سورة المائدة، وذلك من وجهين:
أن الله تعالى أمر بالوضوء عند إرادة القيام إلى الصلاة، وهذا يدل على أنه لا يُفصَل بينهما بفاصل الإستنجاء، وأنه هو الأصل.
الوجه الثاني: في قوله سبحانه: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} فجعل الطهارة بالأصل، والبدل بعد المجيء من الغائط، وهو كناية عن حصول طهارة الخبث.
ثانياً: أن المحفوظ من هدي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وسنته أنه كان يستنجي، ثم يتوضّأ،
وما حفظ عنه في حديث صحيح أنه قدم الوضوء على الإستنجاء.
ثالثاً: أن الدليل الذي إستدلوا به مجاب عنه: بأن الواو لمطلق الجمع فقوله: [تَوضّأ، واغْسِلْ ذَكَرَكَ] الاستدلال به على الوجه الذي ذكروه مبني على أن الواو تفيد العطف مع الترتيب، وهو مذهب ضعيف.
والصحيح عند طائفة من أئمة اللغة أن الواو تفيد مطلق الجمع بغَضِّ النظر عن كون هذا قبل هذا كأن تقول جاء محمدٌ، وعمرُ فهو لا يستلزم أن يكون محمد جاء قبل عمر؛ بل المراد حصول المجيء منهما، فقول النبي صلى الله