ثالثاً: أنّ متن حديث أبي هريرة رضي الله عنه محتمل لمعنيين:
الأول: أن يكون النفي متعلقاً بالصِّحة، كما يقوله من يحتج به، وحينئذ يكون معارضاً لغيره.
الثاني: أن يكون النفي متعلقاً بالكمال، وحينئذ لا يكون معارضاً لغيره.
وإذا تردَّدَ الحديث بين معنيين أحدُهما: معارض، والثاني: غيرُ معارض وجب حمله على الوجه الذي لا يُعارض، فحمله على نفى الكمال أولى من هذا الوجه، ويكون معناه لا وضوء كامل لمن لم يذكر اسم الله عليه.
يبقى النظر في قوله:[وتَجِبُ التَّسميةُ]: فالتَّسميةُ: تَفْعلِة من ذكر اسم الله، فما هي التسمية؟ التسمية الكاملة: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، ولكنّها هنا بسْم الله، فيقف عند قوله: بسم الله؛ لأن قوله:[لمنْ لمْ يَذكرُ اسْمَ الله] المراد به اسم الله فقط، بدليل أن الله قال:{وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}، وقد قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عند تذكيته:[بسْمِ اللهِ]، وبناءً على ذلك فإن التسمية تكون: بسم الله وحدها.
واختلف العلماء هل يحلُّ غيرِ لفظ الجلالة محلّه؛ كأن يقول: بسم الرَّحمن، وبسم الرّحيمِ، وبسم المَلكِ، وبسم القدّوسِ، وبسم العَزيز؟
والصحيح: أنه ينبغي الإقتصار في الأذكار على الوارد دون تغيير، أو تبديل، ولا يجُتهد فيها، فقوله عليه الصلاة والسلام:[لا وُضُوءَ لمنْ لم يَذكرُ اسْمَ اللهِ] يقتضى ذكر اسم الله وَحْدَه، وذلك لشرف هذا الاسم، وفضله،