للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إلى موضع آخر فيه الماء، ومشى حتى بلغه فحينئذ ننظر فإن كان الفاصل الذي بين انقطاع الماء، وغسله للعضو فاصلاً مؤثراً؛ بمعنى أنه ينشف فيه العضو في الزمان المعتدل الذي هو ليس بشديد البرد، والحر، (لأن الحر فيه نوع من الرطوبة خاصة إذا كان الإنسان في الظل فيبقى العضو طرياً إلى أمد أكثر والبرد مع الهواء، والريح يحصل به النشاف بسرعة) فلو قُدِّر مثلاً إلى خمس دقائق أن العضو في الزمان المعتدل ينشف نقول: إذا مضت خمس دقائق ما بين غسله لوجهه، وغسله ليديه بعد عثوره على الماء بطل وضوءه، وإن كان دون ذلك صحَّ، ولم يؤثر وجود هذا الفاصل.

والأصل في فرضية الموالاة دليل السنة، وذلك: أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: [لمّا رأى على قَدَمِ الرَّجُلِ قَدْرَ لُمْعَةٍ لَمْ يُصِبْها الماءُ أَمَره أَنْ يُعيدَ وضُوءَه، وصَلاَته]-صلوات الله وسلامه عليه- فدلّ هذا على أن الولاء من فرائض الوضوء لأن أمره بإعادة الوضوء يدل دلالة واضحة على بطلان الوضوء بغير موالاة.

قال رحمه الله: [والنِّيةُ شَرْطٌ لِطَهارةِ الأَحْداثِ كُلِّها]: النِّية: مأخوذة من قولهم نوى الشيء، ينويه نيّة، ونيَة بالتخفيف، والتّشديد.

والنِّية في لغة العرب معناها: القصد، تقول: نويت الشيء إذا قصدته، سواء كان ذلك في القول، أو الفعل وقولهم أعني العلماء رحمهم الله: (النّية شرطٌ في طهارة الأَحداثِ) مرادهم بذلك أن يقصد المكلف العبادة، ويكون قصده مشتملاً على أمرين: الأول: التقرب لله -جل وعلا-، والثاني: رفع الحدث، واستباحة ما تشترط الطهارة لفعله: كالصلاة، والطواف، ولمس المصحف.

<<  <   >  >>