مثال ذلك: الوضوء شرط لصحة الصلاة يلزم من عدم الوضوء عدم صحة الصلاة، لأننا نقول إنه شرط لصحة الصلاة، ولا يلزم من وجود الوضوء وجود الصلاة؛ فإن الإنسان قد يتوضأ، ولا يصلي هذا معنى قولهم:[ما يلزمُ من عدمِه العدمُ، ولا يلزم من وجودِه الوجود].
وقوله:[شَرْطٌ لطهارةِ الأحْداثِ كُلِّها]: فيه عموم، وذلك في قوله:[كلّها]، فشمل الأحداث الصغرى والكبرى، فكلّها تشترط النية فيها، وهذه مسألة خلافية إختلف فيها جمهور العلماء مع الإمام أبي حنيفة، وأصحابه رحمة الله على الجميع؛ فالجمهور من المالكية، والشافعية، والحنابلة، والظاهرية يرون: أن الوضوء، والغسل لا يصحّ إلا بالنية، فمن توضأ بنية التَّبرد، وكان عليه حدث أصغر؛ فإنه لا يجزيه، وهكذا لو إِغتسل تبرداً، أو نظافة، وعليه جنابة.
وذهب الإمام أبو حنيفة، وأصحابه إلى: أن الوضوء، والغسل يصحّ كلٌ منهما بدون نية، فإذا توضأ، أو اغتسل بدون نية رفع الحدث، أو كان قاصداً النظافة؛ فإنه يجزيه، ويصحُّ منه.
واحتج الجمهور بدليل الكتاب، والسُّنة، والعقل.
أما دليل الكتاب فقوله تعالى:{فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} وجه الدلالة: أن الوضوء عبادة، فلا يصح إلا بنية، وكذلك قوله سبحانه:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}(١)، والدليل على كونه عبادة أنه غَسْل