وأما الحالة الثانية فقد أشار إليها بهذه العبارة وهي:
قوله رحمه الله:[وتُسنّ عِنْد أوّلِ مَسْنُوناتها إِنْ وُجِدَ قَبل واجبٍ]: أي أنّ النّية تُسنُّ عنْد أوّل مسنونات الطهارة إن وجد قبل واجب، ويتأتى هذا في غسل الكفين لغير المستيقظ من نومه؛ حيث يكون غسله لكفيه سنة، فتسن النية عند إبتدائه الغسل لهما، وهما في هذه الحالة قبل أول واجب، وهو غسل الوجه إن قلنا بعدم وجوب التسمية، وأما إذا قلنا بوجوب التسمية عند الذكر، وسقوطها عند النسيان، فنسيها عند إبتداء وضوئه في هذه الحالة يكون المسنون قبل الواجب وهو غسل الكفين، لأنه في غير حالة الإستيقاظ من النوم فتسن النية حينئذ عند أول مسنون وهو غسل الكفين لأنه وُجِدَ قبل الواجب.
قوله رحمه الله:[واستصحاب ذكرها في جميعها]: الإستصحاب إستفعال من صحب الشيء إذا لازمه، وكان معه، ومنه: الصاحب، والمراد باستصحاب ذكرها أي: أن يستصحب ذكر النية فالضمير عائد إلى النية، وقوله:[في جميعها] أي: جميع الطهارة صغرى كانت، أو كبرى، وعليه فإنه يلزمه إستصحاب قصد رفع الحدث من بداية الوضوء إلى نهايته، وهكذا الحال في الغسل، وهذا هو أحد الوجهين عند العلماء رحمهم الله.
وهناك وجه ثان أن العبادة التي لا يقع فاصل بينها بأجنبي يجزيء أن تكون النية في أولها، ولا يلزمه الإستصحاب، ولكن ينبغي أن لا يقع منه إلغاء لها حتى ينتهي من فعلها.