للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إخراج الماء المستنشق فيسمى إستنثاراً، وثبت في الصحيح أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: [إِذَا توضّأَ أَحدُكُمْ فَليسْتَنْشِقْ بمِنْخَريْهِ] وظاهره ليس فيه تعرّض للإستنثار، ولذلك قال بعض العلماء: إذا استنشق يعني جذب الماء تحقق الإستنشاق، ولا يلزمه الاستنثار يعني الطرّح.

والصحيح أن تعبير الشرع بالإستنشاق متضمن لطلب الإستنثار؛ لأن الإنسان إذا استنشق لا يصبر على بقاء الماء حتى ينثره، وفائدة إِشتراط النّثر أن الإنسان إذا عصر أنفه دون أن ينثر لم يكن محققاً للاستنشاق على أكمل صوره، ولذلك لا بد من النَّثْرِ كما في الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: [إِذَا تَوضّأ أحدُكُمْ فَلْيَجْعلْ على أَنفِهِ ماءً]، هذا الإستنشاق، ثم قال: [ثُمَّ لِيَنْتَثِرْ] أي ليطرح لأن النَّثْرَ في اللغة: هو الطرح، فقوله: [لِيَنْتَثرْ] أي: لينثر الماءَ الذي جَذبَه بِنَفَسِه إلى خياشيمه، ولذلك لا بد من النَّثر لأن المقصود من إدخال الماء تطهير هذا الموضع، فإذا كان يعصره دون أن يكون منه نثر لم يتحقق به كمال التطهير لهذا الموضع.

قال رحمه الله: [ويَغسلَ وجْهَه منْ مَنابِتِ شَعرِ الرَّأسِ إلى ما انحدَرَ مِنَ اللّحْيَينِ، والذِّقْنِ طُوُلاً]: قوله [ويَغْسلَ وجْهَهَ] الوجه: تقدم أنه من المواجهة، وبيّنا كلام العلماء في الوجه، ودليل وجوب غسله والآن نبيّنُ حدَّ الوجْهِ.

أما طولاً فقالوا: إنه من منابت الشعر الذي يكون في ناصية الإنسان إلى ما انحدر من اللّحييْنِ، وهما الفكّان السُّفليان الأيمن منهما، والأيسر إلى ما انحدر منهما، والسبب في تعبير المصنف بقوله: [إلى ما إنحدر]؛ لأنه لا

<<  <   >  >>