وفي هذه الجملة دليل على مشروعية المسح على الخفين للمقيم، فيصبح القول بجوازه عاماً أي: شاملاً للسفر، والحضر.
وللعلماء قولان في هذه المسألة:
منهم من يقول: المسح مختص بالسفر، وهو إحدى الروايات عن الإمام مالك -رحمة الله عليه-؛ لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مسح في السفر، والسفر يناسبه التخفيف، وذلك أن حديث المغيرة رضي الله عنه في إثبات المسح كان في سفره -عليه الصلاة والسلام- لغزوة تبوك فقال: أصحاب هذا القول إنه يختص بالسفر.
وقال الجماهير: إن المسح لا يختص بالسفر، بل يشمل السفر، والحضر؛ لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال كما في صحيح مسلم من حديث علي:[يَمسحُ المُسافرُ ثَلاَثة أيامٍ، والمقيمُ يَوماً، وليلةً] فدلّ على أنه مشروع للمسافر، وللمقيم، وهي دلالة من السُّنة القولية، كذلك دلت السُّنة الفعلية على مشروعية المسح في الحضر كما في حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما: إن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أتى سُبَاطَة قَومٍ فَبالَ قَائِماً، ثم قال لي:[اُدْنُ]، فدنوتُ حتى كنت عند عقبيه، قال: فلما فرغ صببت عليه وضوءه حتى قال: [ثُمّ مَسحَ علَى خُفّيهِ] وهذا في الحضر، فدلّ على مشروعية المسح في الحضر كما هو مشروع في السفر.
وفي حديث صفوان بن عسال المرادي -رضي الله عنه- في السنن قال:[أَمَرَنا رسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ لا ننزِعَ خِفَافنا ثلاثةَ أيام بِلَيالِيهنَّ للمُسَافِر، ويوماً وليلةً للمُقِيم] فأثبت مشروعية المسح حضراً، وسفراً.