للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فسبب الرخصة قائم بخلاف المسح على الخفين، والعمامة، والخمر، فإنه ليس مرتباً على سبب، ولا علة، وإنما هي رخصة مطلقة على أحد الوجهين عند أهل العلم رحمهم الله.

والأصل في المسح على الجبائر: حديث ذي الشّجَةِ الذي رواه الدارقطني، وغيره أنّ رجلاً من أصحابِ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سافَر مع أصحابهِ فأصابتهُ شِجَاج، أو كانت به جراح قال: فأجنب، فسألَ أصحابَه هلْ من رُخصة؟ قالوا: لا رخصة، وإغتسل أي: يلزمك الغسل، فاغتسل فمات، فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: [قَتَلُوه قَتَلهُمُ الله هلا سَأَلوا إِذْ جَهِلُوا إنما شِفَاءُ العِيِّ السُّؤالُ]، وفي بعض الروايات: [قَدْ كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَعصُبَ جُرحَه] فأخذوا منه مشروعية المسح على العصائب، والجبائر وهذا الحديث متكلم في سنده، والقول بضعفه في رواية الجبائر أقوى، ولكن أصول الشريعة، وقواعدها العامة تدل على مشروعية المسح على الجبائر، ولذلك اتفقت كلمة العلماء، وأجمعوا على أنه يجوز المسح على الجبيرة لماذا؟ لأن التكليف شرطه الإمكان قال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (١) فإذا كان بإمكان المكلف أن يفعل كُلّف، وإن لم يكن بإمكانه لم يكلف، فهذا الذي أصابه الكسر في يده، أو ساعده، أو زنده، أو كفه ليس بإمكانه أن ينزع الجبيرة حتى يغسل، ويترتب على نزعه ضرر عظيم ولأن الشريعة لما أذنت له أن يتداوى؛ فقد أذنت بلازم التداوي من


(١) البقرة، آية: ٢٨٦.

<<  <   >  >>