ذلك حديث إِبن عباس رضي الله عنهما في الصحيحين لما بات مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند خالته ميمونة رضي الله عنها قال:[ثمَّ نامَ النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتّى نَفَخَ] ثم ذكر إستيقاظه ووضوءه ثم صلاته بالليل، فدلّ على أن النوم ناقض لأنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ بعد إستيقاظه، ولم يذكر ابن عباس رضي الله عنهما أنه دخل الخلاء، ثمّ قوله رضي الله عنه:[حتى نَفَخَ] يؤكد أنّ النوم ناقض عند زوال الشعور بالخارج كما قدمنا، وإن كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تنام عيناه، ولا ينام قلبه، ولكن هذا على سبيل التشريع لسائر الأمة.
السبب الثاني: الجُنون، وبه يزول العقل كلّية، وهو ناقض للوضوء بالإجماع كما حكاه الإمام ابن المنذر رحمه الله، وغيره، وإذا كانت الأدلة قد دلّت على إنتقاض الوضوء بالنوم فإنّ إنتقاضه بالجنون أولى وأحرى، فتكون قد نبّهت بالأدنى على ما هو أعلى، وأولى بالحكم منه.
السبب الثالث: الإغماء: وبه يزول الإدراك أيضاً، وكثيراً ما يقع في حالات الصَّرع، وهو في حكم الجنون في كثير من مسائله، ولذلك حُكي الإجماع على إعتباره ناقضاً من نواقض الوضوء، ومستند هذا الإجماع دليل السنة في حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في الصحيحين أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [لما مَرِضَ مَرَضَ الموتِ أراد الصلاة فأغْمي عليه، فاغتسل ليصلي، ثم أغمي عليه، فأفاق، فاغتسل] فدلّ على أن الإغماء ناقض للطهارة الصغرى، والكبرى.