أما المرتبة الثانية: وهي أن يبلغ منه السكر غايته كأن يسقط كالمجنون فهذا لا يؤاخذ إجماعاً، وحكمها في الطهارة أنها موجبة لانتقاض الطهارتين الصغرى، والكبرى؛ لأنه كالمجنون.
وأما الحالة الثالثة: وهي المترددة بين الحالتين فهي التي فيها الخلاف بين العلماء في السكران هل هو مكلف، أو غير مكلف؟ وهي هنا توجب إنتقاض الطهارة، فإذا سكر -والعياذ بالله- المتوضيء فإنه يحكم بانتقاض وضوئه، ويلزمه أن يعيده على هذا التفصيل.
قوله رحمه الله:[إلا بيسيرَ نومٍ مِنْ قَاعدٍ]: استثنى المصنف رحمه الله النائم إذا كان قاعداً، فلم يحكم بانتقاض وضوئه لحديث أنس رضي الله عنه في الصحيح قال:" كان الصّحابةُ ينتظرونَ العِشَاء حتى تَخْفِقَ رؤُوسُهم ثم يُصلون، ولا يَتوضّؤُون ".
وقوله رحمه الله:[أو قائم]: لأن اليسير من القائم في حكم اليسير من القاعد، لا فرق بينهما، وهذا مبني على الفرق في النوم بين اليسير، والكثير.
والذي يترجح في هذه المسألة أن العبرة بالشعور، سواء طال النوم، أو قصر لأن السنة في حديث علي رضي الله عنه المتقدم دلت على أن سبب اعتبار النوم ناقضاً هو زوال الشعور، وهو ما يدل عليه النظر أيضاً لأن النوم ليس بحدث بذاته وإنما هو مظنة الحدث فاعتبر فيه الوصف المؤثر، وهو زوال الشعور بالخارج. ثم إن هذا القول تجتمع به الأحاديث المتعارضة كما بيناه