للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وتتفرع على هذا مسائل:

منها: إن قلنا: شعر المرأة في حكم المنفصل فلو غطّت به وجهها في الإحرام وجبت عليها الفدية؛ لأنه منفصل عنها، وليس بمتصل، ويتفرع عليها إن قلنا إنه منفصل لو لمسه المتوضيء لا يحكم بانتقاضه لأنه في حكم المنفصل، أما لو قلنا إنه في حكم المتصل وسدلت شعرها على وجهها حتى غطته عن الشمس فإنه في حكم المتصل، ولا يوجب الفدية عليها، وإن قلت إنه في حكم المتصل، ولمسه الرّجل فإن اللمس يوجب إنتقاض الوضوء، فدرج المصنف رحمه الله على أن الشعر في حكم المنفصل، وهو قول الجمهور رحمهم الله وليس في حكم المتصل، والدليل على ذلك النقل والعقل.

أما النقل: فإن الشعر إذا جزَّ من البهيمة، وهي حية فهو طاهر، وليس بنجس لقوله تعالى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا}، وقد أجمع العلماء رحمهم الله على أن ما أبِينَ من الحيّ فهو كميتتِهِ فلما أُبين الشعر، ولم يحكم الشرع بنجاسته بكونه كميتة البهيمة دل على أنه ليس من أجزائها المتصلة، بل هو في حكم المنفصل، بخلاف ما لو قطعنا يد البهيمة، أو رجلها فإنها بالإجماع نجسة كميتتها.

فدلّ هذا الدليل النقلى على أن الشعر في حكم المنفصل من الحيوان، لا في حكم المتصل.

وأما دليل العقل: فهو النظر حيث إن الشعر ليس فيه حياة روح، وألم وإنما فيه حياة النمو فقط، ولذلك لو أحرق طرف شعره لم يشعر بالألم، وهكذا إذا قصّه بخلاف بقيّة أعضاء البدن، وأجزائه.

<<  <   >  >>