الماء، لأنه ليس بإمكانه أن يشتريه، لأنه بعجزه عن ثمنه صار كالعاجز عن العين نفسها، فَرُخّص له، وصار الماء غير موجود في حقِّه حُكْماً.
وأما إذا كان يجد الماء زائداً على ثمنه كثيراً فقد رخص فيها بعض الفقهاء رحمهم الله بناء على ما قدمنا أن الزيادة الكثيرة ضررٌ عليه في ماله، ومن ثم قالوا: لا يلزمه أن يتحمل الضّرر في ماله على هذا الوجه كما لا يلزمه تحمل الضّرر في نفسه، فقاسوا ضرر المال هنا على ضرر النفس، فكما يُرخَّص للمكلف أن يتيمّم عند خوفه الضّرر عن نفسه بالإغتسال كذلك يُرخَّص له أن يتيمم ويترك الماء الزائد على ثمن مثله كثيراً دفعاً للضرر الذي سيلحقه في ماله، وعلى هذا القول الذي مشى عليه المصنف رحمه الله فإن هذه الزيادة تتقيد بالمكان الذي فيه الماء، فتكون زيادة كثيرة على ثمن مثله في ذلك المكان الذي هو فيه.
قوله رحمه الله:[أوْ خَافَ باسْتعمالِه، أَوْ طَلبِه ضَررُ بَدنِه]: صورة ذلك أن يكون الإنسان مريضاً، وإذا اغتسل هلك، أو زاد عليه مرضه، وكذلك إذا كان في زمانٍ شديد البردِ؛ فلو اغتسل خاف على نفسه المرض أو الموت، ففي هذه الحالة يُرخّص له أن يعدل من الغسل إلى التيمم، وهكذا لو كان الوضوء يُضِرُّ به، وينتهي به إلى تلف نفسه، أو حصول ضرر بجسمه؛ جاز له أن يعدل إلى التيمم، وهذا اختيار بعض العلماء من المالكية، والشافعية، والحنابلة، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية، فقد اختار رحمه الله أنه لو خاف باستعمال الماء زيادة مرضه، كالزُكام، ونحوه أنّ من حقِّه أن يعدل إلى التيمم؛ لما فيه من وجود الضرر، والله -عز وجل- كلف