أما الكتاب فآية الوضوء، والغسل، وآية التيمم، فأما آية الوضوء، والغسل فقالوا: إنّ الله أمر فيها المكلف باستعمال الماء، فيستعمله، ولو لبعض أعضائه؛ لأنه قادر على ذلك، وأمكن تحقيق أمر الله تعالى فوجب عليه إعمال الأصل على هذا الوجه، فإذا استهلك الماء، وبَقِيَ ما بقي من الأعضاء تحقّق فيه الشرط الشرعي المنصوص عليه في آية التيمم في قوله تعالى:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} وحينئذ يُرخص له بالتيمم للباقي لأن هذا الشرط لا يتحقق إلا باستهلاك الماء على الوجه الشرعي بغسل ما يستطيع غسله من أعضاء الوضوء والغسل.
وأما دليلهم من السنة فحديث جابر رضي الله عنه قال:[خَرجْنَا في سفَر فأصابَ رجلاً منّا حجرٌ في رَأسِه، ثمّ احْتَلَم، فسأَلَ أصحابَه: هل تجدون لي رخصةً في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة، وأنت تقدر على الماء؛ فاغتسل، فمات، فلما قدمنا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُخْبِر بذلك فقال: قَتلُوه قَتلَهم الله أَلا سَألُوا إذا لم يَعْلموا فإنما شِفَاءُ العِيِّ السؤالُ إِنما كانَ يَكْفيه أنْ يتَيمّمَ، ويَعْصرَ، أو يَعْصُبَ على جُرحِه، ثم يمسحُ عليهِ، ويغسلُ سائرَ جَسدِهِ] ووجه الدلالة: ظاهر حيث أمره بالجمع بين التيمم، والغسل.
ومذهب القائلين بعدم الجمع أقوى حيث إن الماء الموجود لما كان غير كاف لجميع الطهارة صار في حكم المفقود، فتحقّق الشرط الموجب لرخصة التيمم، وقد عَمِلَ بهذا الأصل الجميع فنزلوا الموجود منزلة المفقود في مسائل التيمم، فكذلك هنا لأنه ماء غير كاف لجميع الأعضاء، والشَّرع لم يُجَزّئ