للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

صورة ذلك: لو رأيتها إِغتذت بميتةٍ، فنهَشَتْ من لحمها، ورأيت فضلة اللحم الذي نهشته على فمها، وشَرِبَتْ من إِناءٍ بعد ذلك، وأفضلت السؤر متغيّراً لونه، أو طعمه، أو رائحته بتلك النجاسة؛ حكمنا بكون الماء متنجساً؛ لكن هذا في بعض الأحوال؛ لا في كلّها فيقتصر الحكم بنجاسة السؤر عليها، وعلى أمثالها من الصُّور مما يتغير فيها الماء بعد شرب الهِرّة منه، وهذا معنى قول الإمام خليل بن إسحاق في مختصره [وإِنْ رِيئَتْ على فَمِهِ عُمِل عَليْها] فقوله: [وإن رِيئَتْ] يعني: رُئيت النجاسة، وقوله: [على فَمِه] يعني فَمَ الهِرِّ عُمِل عليها يعني حُكِمَ بِحُكْمِها إن أثّرت في الماء فالماء نجس، وإن لم تؤثر فالماء طهور.

قوله رحمه الله: [وسباعُ البهائمِ، والطّيرِ، والحمارُ الأهليُّ، والبغلُ مِنْه نجسة] أي: أن جميع هذه الحيوانات محكوم بنجاستها فيدخل في قوله: [سِباعُ البَهائمِ] الأسد، والنّمر، والفَهْد، والذِّئب، ونحوها، وقوله: [والطّيرِ] أي: سباعُ الطّير، وهي الطيور الجارحة كالصّقر، والبَاز، والنّسر، والعُقَاب، والشَّاهين، ونحوها كلُّها نجسة.

وقوله: [والحمارُ الأهليُّ] أي: أنه نجس، ومفهوم قوله: [الأهْلِيُّ] أن الحكم خاص به، فلا يشمل حمار الوحش لأنه مباح الأكل طاهر، كما دلّت السّنة على ذلك في حديث أبي قتادة رضي الله عنه في الصحيح.

وقوله: [والبَغْلُ] هو الحيوان المعروف، وهو متولد من طاهر مباح الأكل، وهو الخيل، ونجس محرم الأكل وهو الحمار الأهلي، ولذلك أشار إلى تولّده من الحمار الأهلي بقوله: [والبغلُ مِنْه] فالضمير عائد إلى الحمار، دون ما

<<  <   >  >>