للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قوله رحمه الله: [وبُعدُه في فضاءٍ، واستِتَارُه]: أي يُشرع للإنسان إذا أراد أن يقضي حاجته، وكان في فضاء كالأرض الخلاء التي ليس فيها أحد أن يختار مكاناً بعيداً عن أعين الناس؛ لأن الفضاء منكشف، والإنسان إذا جلس في الفضاء يمكن أن تُرى عورته فشُرع له أن يُبعد، وأن يستتر فيشرع له أمران: البُعد في المذهب، وهو سنة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما في حديث المغيرة رضي الله عنه عند أبي داود، والنسائي، والترمذي، وفيه أنه ذكر ذهابه عليه الصلاة والسلام لقضاء حاجته، ووصفه بقوله: [أَبْعَدَ عنّي] وهو حديث حسن.

وكذلك -أيضاً- يستتر فإذا كانت الأرض منبسطة بحث عن حفرة، أو شاخص، فإن وجد المطمئن من الأرض كالحفرة نزل فيها، وقضى حاجته؛ لأنه أبلغ في الاستتار ما لم يكن فيها ضرر عليه، أو يأتي إلى شاخص كأن يأتي إلى هضبة، أو تلٍّ؛ فيستقبله، ويقضي حاجته مستقبلاً له؛ لأنه أبلغ في الاستتار، وقالوا في الفضاء يُبْعد لأنه إذا بَعُدَ شخصه تعذر على العين الإطلاع على عورته، ويستتر لئلا يدهمه إنسان فجأة فيكون ذلك أبلغ في تحفظِه، وصيانة عورته، وقد عُظِّم أمر الاستتار في قضاء الحاجة، ومن تساهل في قضاء حاجته، فقضاها بجوار الطرقات على مرأى من الناس فإنه لا يخلو من الإثم، والتبعة، وقد ورد في حديث إِبن عباس رضي الله عنهما في الصحيحين في قصة الرجلين اللّذين يعذبان قال فيهما النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: [إِنهما يُعذّبان، وما يُعذبان في كبيرٍ، أمَّا أحدُهما فكانَ لا يَسْتَنْزِهُ من بَوْلِه] وفي رواية: [لا يَسْتَتِرْ مِنْ بَوْلِه] قال بعض العلماء: [لا يستتر] أي

<<  <   >  >>