للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كما أن حضرته نسي في غمرات الحب والدفاع عن معتقدات القوم أن ما يقوله في صفحة ٧٢ من كتيبه عن الجفر يخالف ما قاله في صفحة ٤٣، حيث يقول في معرض الكلام عن الجفر وعدم نسبته إلى جعفر:

ولو صح سنده لحمل أن ما فيه يتمثل في إلهام إلهي للإمام الصادق، وقد ذكرنا فيما سبق أن الجمهور يقر حقيقة الإلهام للمصطفين الأخيار من الناس، ومن عسى أن يكون أحق بهذا الوصف من الإمام جعفر الصادق وآل بيت الرسول صلوات الله وسلامه عليه" (١).

وهو الذي نقل رواية قبل ذلك عن الكليني في كتابه عن جعفر بن محمد:

"مكثت فاطمة بعد النبي خمسة وسبعين يوماً صبت عليها مصائب من الحزن لا يعلمها إلا الله، فأرسل الله إليها جبريل يسليها ويعزيها ويحدثها عن أبيها وما يحدث لذريتها وكان علي يسمع ويكتب حتى جاء به مصحفاً قدر القرآن ثلاث مرات ليس فيه شيء من الحلال والحرام ولكن فيه علم ما يكون - ثم قال -: ولعل هذا هو الجفر" (٢).

فكيف التوافق بين هذا وذاك؟

اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة.

وأما قوله: ومن عسى أن يكون أحق بهذا الوصف (يعني الإلهام) من الإمام جعفر الصادق وآل بيت الرسول: فليس إلا مجازفة ومبالغة ومغالاة، وتخصيص قوم بالفضائل دون قوم آخرين بدون سند ولا دليل من الكتاب والسنة، لأن التقرب إلى الله والاصطفاء لديه لا يكون لحسب ولا نسب، والعز والشرف والمكرمة عنده لا تكون لقوم دون قوم، وقبيلة دون قبيلة، بل مداره طهارة النفس وتقوى القلوب: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم} (٣).


(١) بين الشيعة وأهل السنة ص٧٢
(٢) بين الشيعة وأهل السنة ص٤٣
(٣) سورة الحجرات الآية١٣

<<  <   >  >>