الفاحشة، والمغالطات الظاهرة، والعوار البين، والزلات الكثيرة، والحكم غير الصحيح، المبني على نهج غير موضوعي ولا علمي، اللهم إلا ما يبدو بأن فيه إغضاباً لجهة تأذى منها مؤلفه، أو إرضاء جان رضي عنه. اللهم لا تجعلنا من الذين يسيئون الظن بعبادك - وإن بعض الظن إثم - ولا تجعلنا من الظالمين في الحكم، فشغلني هذا الكتيب وألهاني عما كنت في صدده من البحث والتنقيب في الكتب الإسماعيلية والوثائق الفاطمية، ولم يبق بيني وبين المغادرة من مصر إلا ليلة واحدة حيث أنوي السفر منها إلى تونس، ومن تونس إلى المغرب، ماراً على اسكوريال بأسبانيا، وباريس بفرنسا إلى لندن بإنجلترا، وراء مقصدي وهدفي.
ولكنني لم أشأ أن أخرج من مصر ولا أفي بحقها، ولا أتطرق إلى هذه الرسالة التي أرى من الواجب الديني والمحتم العلمي بأن أتطرق إليها ولو تطرقاً طفيفاً يسيراً، وأن لم بها ولو إلمامة خفيفة سريعة، فأجلت سفري يومين لعل الله أن يوفقني لأن أوفي للدكتور وافي حقه، وأنبه على أخطائه التي وقع فيها فضيلته بدون قصد ولا عمد منه - إن شاء الله -. ولو أنني لا يحضرني في هذه الغربة كثير من المراجع والمصادر إلا أن أملي وثقتي بالله كبيران بأنه لا ينقصني في الرد عليه شيء أحتاج إليه بفضله ومنه وإحسانه.
وإنني لأحاول في هذه العجالة ألا ينفلت زمام قلمي من يدي، وألا أكون إلا واقعياً موضوعياً في تحري الحقيقة وتبيينها لفضيلة الدكتور، ولمن قرأ رسالته، وللناس أجمعين، بدون تعصب ولا تحيز، وسوف أقسم البحث حسب تقسيم الدكتور في رسالته، وأضيف قبله فصلاً واحداً أبين فيه أخطاء فضيلته البديهية التي وقع فيها، وإنني لمستغرب فعلاً كيف أنها صدرت عنه. وسبحان الذي لا ينسى، وما من كاتب إلا وقد أخطأ، وما من قائل غلا وقد غلط ولغا، وما من ناطق إلا وقد ضل واهتدى، اللهم إلا المعصومين من خلقه، أنبياء الله ورسله، الذين ختمهم بخاتم المعصومين، سيد المرسلين محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -، المشهود له بالعصمة في قوله تعالى:{وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى}(١).