بل إن ما هو غير طبيعي كذلك أنه عندما يبدأ الناس في إدراك ما يحدث، بعد أن تكون الثورة قد انتهت ينبري حكماء يعتقدون بأن هذه الأوضاع ستصفى وتنطفي تلقائياً قائلين بأنه: يجب أن نتركها للزمن يعيدها لمسارها.
وإنني أتساءل كيف لهؤلاء ((البراجماتيين)) في نظرهم أن يتصوروا تلاشي وانطفاء ظاهرة المهندسين تلقائياً في داخل الثورة الفلسطينية؛ بينما يبدو بجلاء منذ الآن أنها لن تتلاشى قبل أن تزهق روح الثورة.
هذه الأوضاع الثورية غير الطبيعية تبقي المشكلات مطروحةً، ولا يبدو لي أن التقنية الماركسية التقليدية تستطيع حلها.
فماركس إذا كان قد حلل هذه الأوضاع فقد فعل ذلك مستنداً على المنطق الجدلي؛ الذي يحتوي على سائر العناصر التي تشكل جزءاً من العالم الثقافي نفسه، أي عالمه هو.
بينما يحدث في البلاد المستعمرة، أو التي كانت مستعمرة قبلاً، أن تكون هذه الأوضاع هي النتاج المركب لجدليةٍ تقع في صلب العالم الثقافي الأصلي من جهة، ومن جهة أخرى بينها وبين عالم ثقافي آخر هو العالم الثقافي الاستعماري؛ كما ينشأ بين مولد يَحُثُّ والطاقة الْمُسْتَحثّة ظاهرة انتقال التيار الكهربائي.
فالفكر الماركسي قد نشأ في مناخٍ ثقافي تسير فيه الفكرة من تلقاء نفسها دون أن تستند على عكازين، بينما في المجتمع الإسلامي في مرحلة ما بعد الموحدين تستند الفكرة بصفة عامة على شيء أو على شخص؛ لكي تثبت صلاحيتها.
لقد كانت الأوضاع الثورية الشاذة في عصر (كارل ماركس) ومحيطه في بيئةٍ غير معقدة، بمعنى أنه كان على الفكرة الثورية أن تواجه أفكار اً من البيئة نفسها، ومن عالمها الثقافي نفسه. وفي هذه الحالة يمكن للتحليل أن يسيطر