منذ القرن الماضي بدأ عصر ما بعد الموحدين يزايل العالم الإسلامي، لكن هذا العالم لم يستعد بعد إطاره الطبيعي، لقد انطلق كفارس أفلت الركاب من قدميه ولم يوفق بعد لإحكامه؛ لذا فهو يبحث عن توازنه الجديد.
فانحلاله عبر القرون الذي قضى عليه: بالجمود، والخمول، والضعف والقابلية للاستعمار قد حفظ له مع ذلك قيمة ولو في شيء من التحجر.
لقد أطل في حالته هذه على القرن العشرين وهو في ذروة قوته المادية؛ بينما سائر قواه الأخلاقية قد بدأت تنهار منذ نهاية الحرب العالمية الأولى.
فالعالم الإسلامي اليوم تتقاذفه أفكار ٌ متناقضة: الأفكار التي تضعه وجهاً لوجه مع مشكلات الحضارة التقنية دون أن تؤصله نماذجه السلفيّة، رغم جهود مصلحيه المشكورة.
وبدافع الافتنان، أو بسائق منزلقات وضعت تحت قدميه، فهو معرضٌ لخطر الانجراف في الإيديولوجيات الحديثة، في الوقت الذي بدأ يكتمل إفلاسها في الغرب حيث ولدت.
وإذا كان يحاول أن يقتفي أثر أوربة في سائر الميادين؛ كما يبدو من أجوائه، أو ربما من رغبة (غير معلنة من نخبته) فإنه معرضٌ لخطر السير متخلفاً عن التاريخ بمرحلة. بمعنى أنه لا بد أن يعيد على حسابه سائر التجارب التي أخفقت.
ونخص بالذكر التجربة (الماركسية) التي تبدو مع ذلك قد تجاوزها الزمن على الصعيد العلمي؛ كما على الصعيد الفلسفي.