ويحدث أيضاً ألا يكون رجل السياسة في العالم الإسلامي ذلك الكائن الصغير الطموح: يُباع، ويُشترى، يطوب (زعيماً) على مسرح السياسة. بل ينبغي أن يكون (رئيساً) أصيلاً قادراً على تحقيق فكرة كبيرةٍ؛ تمارس على الجماهير جاذبية هدف عظيم سام لا يقاوم.
ومن الطبيعي: أن الفكرة قد قُيِّمت بقيمتها الحقة من أول وهلةٍ عبر اختصاصيِّي الصراع الفكري.
والرجل الذي يجسد في عيون الجماهير تلك الفكرة (الرئيس): هو الذي سوف تنصب عليه دراسة الاختصاصيين الدقيقة وذلك لتبين لهم سائر الثغرات.
وعلى تلك الثغرات فإن الاستعمار سيضع صماماته ذات التأثير المزدوج:
١ - من جهةٍ؛ لمنع إشعاع الفكرة وشخصية الرئيس أن تصلا إلى ضمائر الجماهير.
٢ - وعلى الخصوص لتكون الصورة الحقيقية لعمل الفكرة بمنأى عن الرئيس، بحيث لا يستطيع أن يتابع سيرها الفعلي ليضيف! إلى مسيرتها التعديلات والإصلاحات الضرورية.
لدرجة أن الصراع يتابع مسيرته دون جهاز استكشاف ( Radar)؛ يعطي للرئيس في كل لحظةٍ المعلومات الكاملة حول مقتضياته؛ حينما تصبح الفكرة وشخص الرئيس بالذات أمام حقيقة هذا الصراع.
إذ في النهاية يمكن أن يصبح سجين نظامه الخاص؛ حين يتحول لمجرد جهاز صمامات تحت رقابة الاستعمار.