والسكوت، ومن الغريب أنه في وسط الحكومة المؤقته للجمهورية الجزائرية في القاهرة خلال سنوات الثورة الجزائرية كانت كلمة السر المتداولة:((اسكتوا، لا تتكلموا .. الاستعمار ينصت إلينا)).
كان ذلك من روائع أعمال أساتذة الصراع الفكري، إنها لمسة فنان يجيد اللعب على وترنا الحساس.
وفي مناسبةٍ أخرى كنت أستمع يوماً بعد انفصال الوحدة بين سورية ومصر إلى نقد، أظن من راديو حلب، وطالما أن النقد منصبّ على فكرة الوحدة مساً بها، وبخساً لقيمها، واحتقاراً لشأنها، كان الأمر على ما يرام. وكان يمكن سماع كل كلمة بوضوح. ومنذ أن بدأ النقد حول مسألة نظام الصمامات التي استعملت لتوليد (الأخطاء المولَّدة) في السياسة العربية التي قضت على الوحدة؛ فإن الكلمات تلاشت في الضباب. طواها التشويش الإذاعي.
هل كان ذلك عبر الأسطول السادس، أو تل أبيب مباشرة؟ لا فرق. إلى متى سيدوم هذا الوضع!؟. لامجال للمخاطرة في تنبؤاتٍ تكذبها في الغالب الأحداث. ينبغي ألا نتكهن بأن هذا أو ذاك من الأحداث سيضع حداً لنهاية هذا الوضع. فالمطلوب: أن نُرْجِع ذلك إلى سببه النفسي الاجتماعي، وأن نبيّن بالتالي كيف يزول بزوال ذلك السبب.
لقد أشرنا قبل ذلك في معرض دراسة إلى نوعين من الأخطاء تختص باطرادنا الثوري: الأخطاء النابعة من ذاتنا، والأخطاء المولَّدة.
لكن أسبابها واحدة، إنها تكن في نفسيتنا: ففكرنا خاضعٌ لطغيان الشيء والشخص، وهذا السبب سيختفي عندما تستعيد الأفكار سلطانها في عالمنا الثقافي. حينئدٍ فإن محاكمتنا للأمور بصفة عامة؛ وفي الإطار السياسي بصفة خاصة تأخذ أو تسترد طابعها المنهجي والمعمم؛ والذي يستطيع أن يصهر بدفعة