ولأنه ينشد الحقيقة فإن العلم يصبح نظاماً أخلاقياً لا يطيق الصبر على الخطأ من غير أن يجري التصحيح المطلوب.
لكن يبدو أن البلاد الإسلامية لا يروقها أن تلقي نظرةً خلفها. ومع ذلك فمن الضروري أحياناً العودة بالخطى حينما يكون من الممكن تصحيح الأخطاء عبر مناقشة حول موضوعها ترسخ الحوار بين الحاكم والمحكوم.
ولقد كان خير مثل للرجوع إلى المصادر التي تعيد الثقة؛ ذلك المثل الذي قدمته الصين الشعبية بثورتها الثقافية التي قلبت طبقات المجتمع، وعالم الثقافة، رأساً على عقب وجددت البلاد إلى حد كبير (١).
إن أمام البلاد الإسلامية اليوم هذه الدروس في السياسة العليا التي صنعت المعجزات كما رأينا.
وإن خلفها دروس الثقافة الإسلامية الرفيعة التي تتيح لها استعادة بعض المفاهيم التي لا تقدر بثمن (كالحسبة): التي هي جديرةٌ بإدماجها بالنظم السياسية للبلاد الأكثر حداثة؛ وبالخصوص لهذه البلاد بالذات.
(١) الثورة الثقافية في الصين: ثورة قام بها (ماو تسي تونغ). كان هدفها صنع وعيٍ جماعيٍ جديد يحارب الفردية، ويدعو إلى (خدمة الشعب). كانت هذه الثورة عبارة عن تحوّلٍ جذري جعل السياسة والثقافة تعلو على القوى الاقتصادية.