لكن ما أضافه التاريخ على حكمة (سقراط): هو أن الأفكار المقتولة، الأفكار المخذولة تنتقم انتقاماً مخيفاً.
إننا نعلم منذ اكتشافات (باستور Pasteur) في فرنسا، و (كوخ Kokh) في ألمانيا أن الأمراض المسمّاة (معدية) تنتقل من شخصٍ إلى آخر عبر جُسيمات بدائيةٍ هي الجراثيم.
بيد أن تاريخ البشرية الموغل في القدم يضعنا أمام نوع آخر من الأمراض يصيب المؤسسات والتنظيمات وحياة المجتمع، وفي هذه المرة فالعدوى تنتقل من جيل إلى آخر.
وهذه مشكلةٌ جديدة تلزمنا بطرح السؤال التالي: ما هو العامل الذي ينقل المرض العضوي؟، وإذا أردنا المتابعة عبر هذه المقارنة علينا أن نتبنى منهجية الطب في علم الأمراض؛ عندما يدرس قصور الوظائف الفيزيولوجية.
لا بد أن نعقد فصلاً خاصاً للأمراض الاجتماعية يعالج القصور الذي يصيب الأنظمة الاجتماعية والمؤسسات العامة؛ كما تعالج في الطب الأمراض العضوية.
بيد أن المقارنة لا يمكن لها أن تذهب بعيداً حتى لا نسترسل، كالفيلسوف القديم في التجسيم وخلع الخصائص البشرية على هيكلية المجتمع.
ويمكننا أن نتساءل عما إذا كانت جرثومة المرض التي تهاجم المؤسسات وتقضي عليها في النهاية تنشأ مباشرةً في المؤسسة، أم تنتقل إليها عبر نوع من التناضح يرشح كل منهما على الآخر انطلاقاً من بؤرةٍ للعدوى.
إن طريقة حصر أسباب المرض: هي التي تسمح لنا بوضع المشكلة التي نحاول طرحها في موضعها الصحيح.
لقد كانت (جمهورية روما) مؤسسةً قديمة ونبيلة. وقد اتخذت (روما)