للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فالمسلم مكلّف بحملِ تلك الرسالة؛ في الجليل من الأُمور والصغير منها. فتقسيم التَّرِكة عند وفاة صاحبها هي بلا ريب ظرف اجتماعيٌّ عاديٌّ. لكن انظر ما يقول القرآن فيه {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ ... } [النساء: ٤/ ٨].

قد يقال لنا: إنَّ هذا حكمٌ يمكن أنْ يرِدَ في كلِّ قانونٍ مدنيٍّ تقدميٍّ. هذا صحيح؛ لكنّ القرآن يُرَغِّب بأكثرَ من هذا. فهو لا يريد أنْ يقومَ المجتمع بتقسيم المال كآلةِ توزيع القِطَعِ المعدنية، فهذا شيءٌ يستطيع المجتمع الاستهلاكي أن يفعله.

لكن ينبغي على المجتمع الإسلاميّ أن يفعل أكثر من توزيع أموال تركة، وذلك بأنْ يوزِّع في الوقت نفسه الخير.

فالآية التي استشهدنا بها قد تَعمّدْنا ذكرها ناقصةً لنبيِّن ما يمكن أن تشترك فيه مع تشريع مدني لكنّ الآية تنتهي بتوصيةٍ أخرى، بحكمٍ آخر: { .. وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [النساء: ٤/ ٨].

الآن اكتملت الآية: وزِّعوا أموالاً طبعاً، لكن أضيفوا إليها فكرةً، أو كلمةً، أو لفتة تعبِّر عن شعوركم، عن مفهومكم، عن فكرة (الخير) عندكم.

إنَّ هذه التكملة ذات الصبغة الروحية الخالصة؛ لا يمكن تصوُّرها في أيِّ تشريع مدنيٍّ.

إنَّها تُعطي للرابط الاجتماعي النابع من الفكر الإسلاميّ طابعاً خاصّاً يجعل وجودَ ما يُسَمَّى (التناقضات في وسط الجماهير) ظاهرةً غير قابلة للتفسير في المجتمع الإسلامي.

<<  <   >  >>