للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المؤرخ لتلك الأفكار، و (أرسطو) (١) مشترعها.

غير أن هذا العالم الذي التقت به ثانية وهي تقتفي أثر الحضارة الإسلامية، قد اكتسى منذ (توماس الأكويني) (٢) صبغةً مسيحية.

إنَّ دور الأفكار في حضارةٍ ما لا يقتصر على مجرد الزينة والزخرفة؛ كزخارف المدفأة في المنزل مثلاً، فهو لا يصبح كذلك إلا حينما يصبح المجتمع في عصور ما بعد التحضُّر.

ففي فترة اندماج مجتمعٍ ما في التاريخ يكون للأفكار دورٌ وظيفىّ؛ لأن الحضارة هي القدرة على القيام بوظيفةٍ أو مهمة معينةٍ.

ويمكن تعريف الحضارة في الواقع بأنها جملة العوامل المعنويّة والماديَّة التي تتيح لمجتمع ما أن يوفِّر لكلِّ عضوٍ فيه جميع الضمانات الاجتماعية اللازمة لتطوُّره.

فالفرد يحقق ذاته بفضل إرادةٍ وقدرةٍ ليستا نابعتين منه، بل ولا تستطيعان ذلك، وإنما تنبعان من المجتمع الذي هو جزء منه.

وإذا ما رَكَن لقدرته وحدها وإرادته وحدها فإن هذا الفرد المنعزل والمنقطع عن كل اتصالٍ بجماعته يصبح مجرد قشة ضعيفة؛ رغم كل وسائل التزيين الأدبي التي يستعين بها الكاتب الروائي ليحيط بها حياته.


(١) (أرسطو) فيلسوفٌ يونانيّ (٣٨٤ - ٣٢٢ ق. م). درس على أفلاطون. كان يعتقد أن الفلسفة تنظم المعرفة البشرية بكاملها. كان له أثرٌ كبيرٌ في الفكر العالمي، من الفلسفة العربية حتى الفلسفة المعاصرة.
(٢) القديس (توماس الأكويني Saint Thomas Aquin) فيلسوف ٌ وعالم باللاهوت، إيطاليّ (١٢٢٧ - ١٢٧٤م). درس اللاهوت والفلسفة في عدة مدنٍ أوروبية، وخاصةً في نابولي بإيطاليا حيث كانت تناقش أمهات المؤلفات الفلسفية الإسلامية. ترك العديد من الكتب التي يحاول فيها أن يوفّق بين العقل والإيمان، بين عقائد المسيحية ونظريات أرسطو.

<<  <   >  >>