ففي المجتمع الأميركي المتمحور حول القيم التقنية، أي الموجه نحو عالم الأشياء، تكون قدرة التكيف أضعف منها في المجتمع الإسلامي المتمحور حول القيم الأخلاقية.
٢ - وفي الاطراد نفسه كما في المجتمع الإسلامي، على سبيل المثال، فإن القدرة على التكيف تتغير من مرحلة إلى أخرى.
فهي تصل إلى الذروة في المرحلة الأولى:(انظر الذورة في الفصل السابق) وهي تتناقص تدريجيّاً بمقدار ما توسع الفكرة الأصلية مكاناً لأفكار مكتسبة، ثم هي تتضاءل بمقدار ما تخلي هذه الأفكار الأخيرة مكانها للأشياء.
أما في المرحلة الثالثة، فإن الغرائز تتحرر وعندها تتوقف قدرة التكيف الأصلية، ويختزل العالم الثقافي إلى مجرد عالم أشياء.
هنا تقوم الطاقة الحيوية بتفتيت المجتمع، بعد أن تكون قد تحررت تماماً، وذلك بإلغاء شبكة روابطه الاجتماعية، محطمة نسقها المنظم إلى جمهرة من النشاطات الفردية المتناقضة، أو تلك التي تقوم بها جماعات صغيرة. وهذه هي الظاهرة التي رآها الماركسيون في صورة صراع الطبقات.
ومهما يكن من أمر فإنها نهاية حضارة.
ولا يستطيع المجتمع أن يتابع مسيرته بعقول خاوية، أو محشوة بأفكار ميتة، وضمائر حائرة، وشبكة من الروابط المتهدمة ليس تجمعها وحدة.
وبالنسبة للمجتمع الإسلامي؛ فإن هذا هو عهد ما بعد الموحِّدين الذي بدأ.