أسباب الفشل فوراً في شخصٍ يكون (رجل نحس)؛ بدلاً من التفكير ملياً وجدياً بالدروس التي نستخرجها منها.
فمثلاً عندما وقع الانفصال بين سورية ومصر عام (١٩٦١)؛ والذي سجل فشلاً أليماً لفكرة الوحدة العربية استمعت إلى راديو دمشق وراديو القاهرة لمعرفة التفسير الذي سيعطى لذلك الحادث المؤسف، وعلى الأخص استمعت إلى راديو القاهرة الذي كان يعزو الحديث إلى رجل نحسٍ، إلى مدبّر الانقلاب، الضابط السوري (الكزبري)، وذلك بدلاً من البحث عن الأسباب الحقيقية للانفصال في عالنا الثقافي؛ بطريقة أعمق وأكثر فائدةً للأمة العربية.
وفي حين كان واضحاً أن الانقلاب سيقع بالكزبري أو بدونه؛ لأنه لم يكن يتوفر في عالمنا الثقافي فكرة مضادةٌ له، بل على العكس من ذلك، كانت هنالك العوامل المشجعة جميعها.
(فالرجل السماوي)، أو (الرجل النحس): هما اللذان يُستَغَلاَّن بصفةٍ دائمةٍ، ويُزجَّان حتى دون علمهما من أجل إجهاض بعض الأفكار.
إن تناقض الفكرة والوثن قد ضمن بصفةٍ عامةٍ للاستعمار نجاحه الباهر في الإجهاض السياسي في بلادنا؛ مستخدماً غالباً مثقفينا أنفسهم.
إن أقلّ الناس اقتناعاً بالقيمة الاجتماعية للأفكار: هو في الغالب المثقف المسلم، وهذا يفسر لماذا فضَّل عددٌ لا بأس به من المثقفين في الجزائر منذ ثلاثين عاماً الدوران في فلك بعض الأوثان، بدلاً من أن يكرسوا أنفسهم لخدمة بعض الأفكار.
ولابد، في النهاية أن نذكر في هذا الفصل نوعاً آخر من الطغيان: طغيان الأفكار؛ (إنه مرض نخبة المجتمع).