للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وفسَّر السلف ما لا يستطاع بالحب والجماع، فالحب لا يملك الإنسان التصرف فيه، والجماع ليس في ملكه دائمًا، فقد ينشط مع التي يحبها، ويعيا مع الأخرى.

لكن ذاك العدل الذي لا يستطاع لا يمكن أن يفسَّر به العدل هنا في قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا}؛ لوجوه:

الأول: أن انتفاء ذاك مجزوم بوقوعه، وانتفاء هذا غير مجزوم بوقوعه؛ لقوله: {فَإِنْ خِفْتُمْ} وقد تقدم إيضاح ذلك.

[ص ١٤] الوجه الثاني: أن انتفاء ذاك لا يحتمل في الواحدة، وانتفاء هذا محتمل فيها لدليلين:

أحدهما: قوله: {فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} والمعنى على ما قاله ابن جرير وأسنده عن سعيد بن جبير وقتادة والربيع: فإن خفتم ألا تعدلوا في الحرة الواحدة فما ملكت أيمانكم (١).

وثانيهما: قوله: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} ومعناه ــ كما لا يخفى ــ: "الاقتصار على واحدة حرة أو مملوكة أقرب إلى أن لا تعولوا"، وكونه أقرب فقط يقتضي أن العول فيه، أي في الاقتصار على واحدة حرة أو مملوكة، محتمل. وتفسير العول بكثرة العيال أو بالافتقار ظاهر في أن العدل في الآية هو الوفاء بالحقوق المالية.


(١) انظر: "تفسير الطبري" (شاكر ٧/ ٥٣٧، ٥٣٩) قول قتادة برقم ٨٤٦٨، وقول الربيع برقم ٨٤٧٤. أما سعيد بن جبير (٨٤٦٩ - ٨٤٧١) فلم يقل بذلك.

<<  <   >  >>