للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وإما أن يقال: الخطاب مع المؤمنين، والمؤمن لا يطيب له طبعًا نكاح محرمة، كبنت ابنه، أو بنت أخيه.

هذا، وطريقة المحققين من أئمة التفسير والحديث تحرِّي الجمع بين الروايات، وإذا كانت الآية ظاهرة في العموم لم تصرف عنه إلى الخصوص لظاهر تفسير بعض السلف. فقد حقق شيخ الإسلام ابن تيمية أن كثيرًا من تفسيرات السلف إنما أريد بها النصُّ على أنَّ ما ذكره مما يدخل في الآية، لا أنه المعنى كله (١).

فعلى هذا، يمكن تقرير معنى الآية [ص ٦] على ما يشمل ما تقدم وغيره من صور خوف عدم الإقساط، وتسلم مع ذلك عن كثرة الحذف والتقدير، ودونكه:

٣ - قال الله عز وجل أولًا: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ} فهذا خطاب للناس جميعًا، فكذلك قوله في الآية الثانية: {وَآتُوا ... وَلَا تَتَبَدَّلُوا ... وَلَا تَأْكُلُوا ... } وكذلك قوله في الثالثة: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا ... } فالناس جميعًا مكلفون بالإقساط إلى اليتامى، كلٌّ بحسبه، فالولي يقسط في معاملة اليتيم، وسائر الناس يأمرونه بذلك، ويحثونه عليه، ويمنعونه من الجور.

وهناك صور يعلم فيها وجه القسط، فأمرها بيِّن.

وهناك صور يشتبه فيها وجه القسط، فيقول الولي: إن فعلت كذا خفت عدم الإقساط، وإن فعلت كذا فكذلك. وهكذا يلتبس الأمر على غيره، فلا يدري بماذا يأمره؟ وعلى ماذا يعينه؟


(١) مقدمة التفسير في "مجموع الفتاوى" (١٣/ ٣٣٧).

<<  <   >  >>