للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتعجب: لم لا نقيم الرجم هنا؟ وأراد أن يحيي مآثر الأولين في إقامة حدود الله، ونبه على القضاة أنكم إذا أمسكتم بزان فأخبروني حتى أقيم عليه حد الرجم، فأمسكوا بزان غير محصن، وغير المحصن عليه الضرب والجلد فقط، وليس عليه الرجم، فقال: على كل حال ارجموه، قالوا: هذا بخلاف شرع الله! فعزل القاضي وأتى بقاض آخر فرفض، فذهب إلى محبس الرجل وأخذه فرجمه ظلمًا وعدوانًا وطغيانًا، حتى دخلت عليه العثمانية، وقالوا: إن ملكه قد ذهب لأنه خالف شرع الله" (١) والدكتور علي جمعة حرف حكاية قنصوه الغوري تحريفًا شديدًا، فليس فيها من قريب أو بعيد أن الحدود لم تكن تقام، ولا أن من اتهم بالزنا لم يكن محصنًا، والإشكال في القصة أنه اعترف بالزنا ثم أنكر، والذي يدل على تدليس د. علي جمعة أن من اتهم بالزنا لم يرجم أصلاً، بل شنق وصلب، والصلب حد الحرابة لا الزنا!! والغوري حاكم ظالم قتل من العلماء من قتل ظلمًا وعدوانًا، والقصة كما وردت في كتب التاريخ هي: (حصل منه أذية بالغة للبرهان بن أبي شريف عالم مصر يومئذ، ومفيدها بسبب الرجل الذي رمي بالزنا، فأقر بالتهديد والضرب، ثم أنكر، فأفتى ابن أبي شريف بعصمة دمه، وعدم رجمه، فغضب عليه الغوري بسبب ذلك، وعزله من مدرسته التي جددها بالقاهرة، وصلب الرجل على باب شيخ الإسلام ابن أبي شريف حتى جزع الناس له) (٢) وفي تفصيل أكثر قالوا: (إن رجلاً اتهم أنه زنا بامرأة، فرفع أمرهما إلى حاجب الحجاب بالديار المصرية الأمير أنسبائي، فضربهما فاعترفا بالزنا، ثم بعد ذلك رفع أمرهما إلى السلطان الغوري، فأحضرا


(١) كتاب الوحي - القرآن الكريم، ص ١٤٩.
(٢) كتاب الكواكب السائرة بأعيان المائة العاشرة، ج١، ص٢٩٦، ط دار الكتب العلمية- بيروت.

<<  <   >  >>