للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتعلم أنه من قول الآخر: [من الطويل]

يكاد إذا ما أبصر الضّيّف مقبلا ... يكلّمه من حبّه وهو أعجم «١»

وأن بينهما قرابة شديدة ونسبا لاصقا، وأن صورتهما في فرط التناسب صورة بيتي «زياد» و «يزيد».

وممّا هو إثبات للصّفة على طريق الكناية والتعريض، قولهم: «المجد بين ثوبيه، والكرم في برديه»، وذلك أن قائل هذا يتوصّل إلى إثبات المجد والكرم للممدوح، بأن يجعلهما في ثوبه الذي يلبسه، كما توصّل «زياد» إلى إثبات السماحة والمروءة والندى لابن الحشرج، بأن جعلها في القبّة التي هو جالس فيها.

ومن ذلك قوله: [من البسيط] وحيثما يك أمر صالح فكن «٢» وما جاء في معناه من قوله: [من المتقارب]

يصير أبان قرين السّماح ... والمكرمات معا حيث صارا «٣»

وقول أبي نواس: [من الطويل]

فما جازه جود ولا حلّ دونه ... ولكن يصير الجود حيث يصير «٤»


(١) البيت لابن هرمة، وهو غير منسوب في الحيوان (١/ ٣٧٧)، والحماسة (١/ ٢٦٠)، ومنسوب لابن هرمة في البيان والتبيين (٣/ ٢٠٥)، وهو في ديوان ابن هرمة (١٩٨)، والتبيان (٣٩)، والطراز، والإيضاح (٢٨٨)، والمفتاح (٥١٦).
(٢) البيت: لزهير بن أبي سلمى (الديوان ٢٨٢) وهو عجز البيت، وصدر البيت:
«هنّاك ربّك ما أعطاك من حسن» وهنّاك: هنّأك.
(٣) البيت: للكميت بن زيد صاحب الهاشميات ورد البيت في (سرقات أبي نواس ٣٦).
(٤) البيت في ديوانه (٩٤)، من قصيدة قالها عند ما قدم على الخصيب صادف في مجلسه جماعة من الشعراء ينشدونه مدائح فيه فلما فرغوا، قال الخصيب ألا تنشدنا أبا علي؟ فقال: أنشدك أيها الأمير قصيدة
هي بمنزلة عصا موسى تلقف ما يأفكون. قال: هات إذا فأنشده هذه فاهتز لها، وأمر له بجائزة سنية، والبيتان قبله:
إذا لم تزر أرض الخصيب ركابنا ... فأي فتى بعد الخصيب تزور
فتى يشتري حسن الثناء بماله ... ويعلم أن الدائرات تدور
والبيت فيه كناية عن كرم وسخاء ممدوحه حتى لا يخلو مجال لذكر الكرماء من ذكره معهم، والبيت في المفتاح (٥٢٠)، والإيضاح (٢٩١)، وأورده بدر الدين بن مالك في المصباح (١٥٣)، وعزاه لابن هانئ، ومحمد بن علي الجرجاني في الإشارات (٢٤٦)، والطيبي في التبيان (١/ ٣٣١)، وعزوه جميعا لأبي نواس.

<<  <   >  >>